فصل: النَّوْعُ الرَّابِعَ عَشَر الْمُلَاقَاةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.النَّوْعُ الثَّالِثَ عَشَرَ: الِاسْتِئْذَانُ:

وَفِي الْمُوَطَّأِ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَسْتَأْذِنُ عَلَى أُمِّي فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ إِنِّي مَعَهَا فِي الْبَيْتِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَأْذِنْ عَلَيْهَا أَتُحِبُّ أَنْ تَرَاهَا عُرْيَانَةً قَالَ لَا قَالَ فَاسْتَأْذِنْ عَلَيْهَا قَالَ الْبَاجِيُّ الِاسْتِئْذَانُ عَلَى كُلِّ بَيْتٍ فِيهِ أَحَدٌ وَاجِبٌ تَسْتَأْذِنُ ثَلَاثًا فَإِنْ أُذِنَ لَكَ وَإِلَّا رَجَعْتَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تستأنسوا وتسلموا على أَهلهَا} قَالَ مَالك الاستيناس الاسْتِئْذَان ثَلَاثًا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ» وَقَالَ الْبَاجِيُّ لَا يَزِيدُ عَلَى الثَّلَاثِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اسْتِئْذَانَهُ لَمْ يُسْمَعْ وَيَسْتَأْذِنُ عَلَى أُمِّهِ وَذَوَاتِ مَحَارِمِهِ وَكُلِّ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ إِلَى عَوْرَتِهِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ لَا يَزِيدُ عَلَى الثَّلَاثِ وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا اتِّبَاعًا لِلْحَدِيثِ قَالَ وَلَا بَأْسَ إِنْ عَرَفْتَ أَحَدًا أَنْ تَدْعُوَهُ لِيَخْرُجَ إِلَيْكَ وَصِفَةُ الِاسْتِئْذَانِ أَنْ يَقُولَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ أَوِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الِاسْتِينَاسُ أَنْ تُسَلِّمَ ثَلَاثًا وَإِنْ قِيلَ لَكَ مَنْ هَذَا فَسَمِّ نَفْسَكَ بِمَا تُعْرَفُ بِهِ وَلَا تَقُولُ أَنَا لِأَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ هَذَا قَالَ فَقُلْتُ أَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا عَلَى مَعْنَى الْإِنْكَارِ وَإِنْ سَمَّى نَفْسَهُ أَوَّلًا فِي الِاسْتِئْذَانِ فَحَسَنٌ لِأَنَّ أَبَا مُوسَى جَاءَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ هَذَا أَبُو مُوسَى فَلَمْ يَأْذَنْ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ هَذَا الْأَشْعَرِيُّ ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ رَدُّوهُ عَلَيَّ فَقَالَ لَهُ مَا رَدَّكَ كُنَّا فِي شُغُلٍ فِي الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ الِاسْتِينَاسُ التَّسْلِيمُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ مِنْ بَابِ الدَّارِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَأْذِنَ إِذَا وَصَلَ بَابَ الْبَيْتِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَتَغْيِيرُ الِاسْتِينَاسِ بِالتَّسْلِيمِ بَعِيدٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {حَتَّى تستأنسوا وتسلموا} فَغَايَرَ بَيْنَهُمَا وَعَنْ مَالِكٍ الِاسْتِينَاسُ الِاسْتِئْذَانُ وَهُوَ الصَّحِيح وَعَلِيهِ أَكثر الْمُفَسّرين وَقيل حَتَّى تونسوا أهل الْبَيْت بالتنحنح والتنخم وانحوه حَتَّى يَعْلَمُوا إِرَادَتَكُمُ الدُّخُولَ وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ تَقْدِيرُهُ حَتَّى تُسَلِّمُوا وَتَسْتَأْذِنُوا وَهُوَ أَنْ تَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ لِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقْرَؤُهَا حَتَّى تُسَلِّمُوا عَلَى أَهلهَا وتسأذنوا وَاخْتُلِفَ فِي اسْتِئْذَانِ أَبِي مُوسَى عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَرُوِيَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ كَمَا تَقَدَّمَ وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ يَسْتَأْذِنُ أَبُو مُوسَى يَسْتَأْذِنُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ الِاسْتِئْذَانُ اسْتِفْعَالٌ مِنَ الْإِذْنِ وَعَمَّهُ اللَّهُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَجَعَلَهُ أَصْلًا فِي كُلِّ رَقَبَةٍ وَهَيْبَةً لِكُلِّ مَنْزِلٍ حَتَّى قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ فَآتِي فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ فَيُؤْذَنُ لِي وَوَقْتُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْله تَعَالَى {لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم} الْآيَةَ وَالْآذِنُ هُوَ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَنْزِلِ وَإِنْ كَانَ الصَّبِيَّ الصَّغِيرَ الَّذِي يَعْقِلُ الْحُجْبَةَ وَيَفْهَمُ الْإِذْنَ.

.النَّوْعُ الرَّابِعَ عَشَر الْمُلَاقَاةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا:

مِنَ الْمُصَافَحَةِ وَالْمُعَانَقَةِ وَنَحْوِ ذَلِك وَفِي الْمُوَطَّأ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «تصافحوا يذهب الغل وتهادوا تتحابوا وَتَذْهَبِ الشَّحْنَاءُ» وَفِي غَيْرِهِ إِذَا تَلَاقَى الرَّجُلَانِ فتصافحا تحاثت ذنوبها وَكَانَ أَقْرَبَهُمَا إِلَى اللَّهِ أَكْثَرُهُمَا بِشْرًا قَالَ الْبَاجِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ الْمُصَافَحَةَ بِالْأَيْدِي وَقَالَ عَلْقَمَةُ تَمَامُ التَّحِيَّةِ الْمُصَافَحَةُ وَجَوَّزَ مَالِكٌ المصافحة وَدخل عَلَيْهِ سُفْيَان ابْن عُيَيْنَةَ فَصَافَحَهُ وَقَالَ لَوْلَا أَنَّ الْمُعَانَقَةَ بِدْعَةٌ لَعَانَقْتُكَ فَقَالَ سُفْيَانُ عَانَقَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي وَمِنْكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجَعْفَرٍ حِينَ قَدِمَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ قَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ خَاصٌّ قَالَ سُفْيَانُ بَلْ عَامٌّ مَا يَخُصُّ جَعْفَرًا يَخُصُّنَا وَمَا يَعُمُّهُ يَعُمُّنَا إِذَا كُنَّا صَالِحِينَ أَفَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُحَدِّثَ فِي مَجْلِسِكَ قَالَ نَعَمْ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ قَالَ حَدثنِي عبد الله ابْن طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ اعْتَنَقَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَقَالَ جَعْفَرٌ أَشْبَهُ النَّاسِ بِنَا خَلْقاً وخُلُقا يَا جَعْفَرُ مَا أَعْجَبُ مَا رَأَيْتَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَيْنَا أَنَا أَمْشِي فِي بَعْضِ أَزِقَّتِهَا إِذَا سَوْدَاءُ عَلَى رَأْسِهَا مَكِيلُ بُرٍّ فَصَدَمَهَا رَجُلٌ عَلَى دَابَّتِهِ فَوُضِعَ مَكِيلُهَا وَانْتَشَرَ بُرُّهَا فَأَقْبَلَتْ تَجْمَعُهُ مِنَ التُّرَابِ وَهِيَ تَقُولُ وَيْلٌ لِلظَّالِمِ مِنْ دَيَّانِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَيْلٌ لِلظَّالِمِ من الْمَظْلُوم يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا يُقَدِّسُ اللَّهُ أُمَّةً لَا تَأْخُذُ لِضَعِيفِهَا من قويها حَقه غير مقنع» ثُمَّ قَالَ سُفْيَانُ قَدِمْتُ لِأُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُبَشِّرُكَ بِرُؤْيَا رَأَيْتُهَا نَامَتْ عَيْنُكَ خَيْرًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ سُفْيَانُ رَأَيْتُ كَأَنَّ قَبْرَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْشَقَّ فَأَقْبَلَ النَّاسُ يُهْرَعُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرُدُّ بِأَحْسَنِ رَدٍّ قَالَ سُفْيَانُ فَأُتِيَ بِكَ وَاللَّهِ أَعْرِفُكَ فِي مَنَامِي كَمَا أَعْرِفُكَ فِي يقظتي فسملت عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْكَ السَّلَامَ ثُمَّ رَمَى فِي حِجْرِكَ بِخَاتَمٍ نَزَعَهُ مِنْ أَصَابِعِهِ فَاتَّقِ اللَّهَ فِيمَا أَعْطَاك صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَكَى مَالِكٌ بُكَاءً شَدِيدًا قَالَ سُفْيَانُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ قَالَ خَارِجٌ السَّاعَةَ قَالَ نَعَمْ فَوَدَّعَهُ مَالِكٌ وَخَرَجَ وَعَنْ مَالِكٍ كَرَاهَةُ الْمُصَافَحَةِ وَالْمُعَانَقَةِ وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْمُصَافَحَةُ الَّتِي فِي الْحَدِيثِ صَفْحُ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ مِنَ الْعَفْوِ قَالَ وَهُوَ أَشْبَهُ لِأَنَّهُ يَذْهَبُ بِالْغِلِّ غَالِبًا وَاحْتَجَّ مَالِكٌ عَلَى مَنْعِ الْمُصَافَحَةِ بِالْيَدِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ} وَلم يذكر مصافحته وَلِأَنَّ السَّلَامَ يُنْتَهَى فِيهِ لِلْبَرَكَاتِ قَالَ قَتَادَةُ قُلْتُ لِأَنَسٍ أَكَانَتِ الْمُصَافَحَةُ فِي أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَعَمْ وَلِأَنَّهَا تَمَامُ الْمَوَدَّةِ فَنَاسَبَ أَيْضًا إذهاب الغل وَفِي القبس قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلَّا غُفِرَ لَهُمَا» قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ الْمُصَافَحَةُ مُسْتَحَبَّةٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَإِنَّمَا كَرِهَ الْمُعَانَقَةَ لِأَنَّهُ لَمْ يُرْوَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ فَعَلَهَا إِلَّا مَعَ جَعْفَرٍ وَلَمْ يَصْحَبْهَا الْعلم من الصَّحَابَة بعده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَنَّ النُّفُوسَ تَنْفِرُ عَنْهَا لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إِلَّا لِوَدَاعٍ أَوْ مِنْ فَرْطِ أَلَمِ الشَّوْقِ أَوْ مَعَ الْأَهْلِ وَالْمُصَافَحَةُ فِيهَا الْعَمَلُ وَيُكْرَهُ تَقْبِيلُ الْيَدِ فِي السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ مِنْهُ عِنْدَ اللَّهِ وَسَأَلَتِ الْيَهُودُ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تِسْعِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَقَالَ لَهُمْ «لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تَزْنُوا وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلَا تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إِلَى السُّلْطَانِ لِيَقْتُلَهُ وَلَا تَسْحَرُوا وَلَا تَأْكُلُوا الرِّبَا وَلَا تَقْذِفُوا مُحْصَنَةً وَلَا تُوَلُّوا الْفِرَارَ يَوْمَ الزَّحْف وَعَلَيْكُم خَاصَّة الْيَهُود أَن لَا تعدوا فِي السبت» فَقَامُوا فقبلوا يَده وَرجله وَقَالُوا نَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيٌّ قَالَ فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَن تتبعوني قَالُوا إِن دَاوُد دَعَا ربه أَن لَا يَزَالَ فِي ذُرِّيَّتِهِ نَبِيٌّ وَإِنَّا نَخَافُ إِنِ اتَّبَعْنَاكَ أَنْ تَقْتُلَنَا الْيَهُودُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ فَفِعْلُ الْيَهُودِ ذَلِكَ مَعَ الْمُسْلِمِ لَا يُكْرَهُ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ قيل سَالِمًا وَقَالَ شَيْخٌ يُقَبِّلُ شَيْخًا إِعْلَامًا أَنَّ هَذَا جَائِزٌ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا عَلَى وَجْهٍ مَكْرُوهٍ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَقَدِمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ الْمَدِينَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَيْءٍ فَأَتَاهُ فَقَرَعَ الْبَابَ فَقَامَ إِلَيْهِ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُرْيَانًا يَجُرُّ ثَوْبَهُ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُهُ عُرْيَانًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ فَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَهُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَقَبِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعْفَرًا حِينَ قَدِمَ مِنَ الْحَبَشَةِ وَأَمَّا الْقُبْلَةُ فِي الْفَمِ لِلرَّجُلِ مِنَ الرَّجُلِ فَلَا رُخْصَةَ فِيهَا بِوَجْهٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ تُقَبِّلَهُ ابْنَتُهُ وَأُخْتُهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُقَبِّلَ خَدَّ ابْنَتِهِ وَكَرِهَ أَنْ تُقَبِّلَهُ خَتَنَتُهُ وَمُعْتَقَتُهُ وَإِنْ كَانَتْ مُتَجَالَّةً وَأَجَازَ مَالِكٌ الْمُعَانَقَةَ فِي رِسَالَتِهِ لِهَارُونَ الرَّشِيدِ أَنْ يُعَانِقَ قَرِيبَهُ إِذَا قَدِمَ مِنَ السَّفَرِ وَقِيلَ هَذِهِ الرِّسَالَةُ لَمْ تَثْبُتْ لِمَالِكٍ قَالَ مَالِكٌ وَيُقَالُ مِنْ تَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى تَعْظِيمُ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ فَالرَّجُلُ يَقُومُ لِلرَّجُلِ لَهُ الْفَضْلُ وَالْفِقْهُ فَيُجْلِسُهُ فِي مَجْلِسِهِ قَالَ يُكْرَهُ ذَلِكَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُوَسِّعَ لَهُ قِيلَ فَالْمَرْأَةُ تَلْقَى زَوْجَهَا تُبَالِغُ فِي بِرِّهِ وَتَنْزِعُ ثِيَابَهُ وَنَعْلَيْهِ وَتَقِفُ حَتَّى يَجْلِسَ قَالَ ذَلِكَ حَسَنٌ غَيْرَ قِيَامِهَا حَتَّى يَجْلِسَ وَهَذَا فِعْلُ الْجَبَابِرَةِ وَرُبَّمَا كَانَ النَّاسُ يَنْتَظِرُونَهُ فَإِذَا طَلَعَ قَامُوا لَيْسَ هَذَا مِنْ فِعْلِ الْإِسْلَامِ وَفُعِلَ ذَلِك لعمر ابْن عَبْدِ الْعَزِيزِ أَوَّلَ مَا وَلِيَ حِينَ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَأَنْكَرَهُ وَقَالَ إِنْ تَقُومُوا نَقُمْ وَإِنْ تَقْعُدُوا نَقْعُدْ وَإِنَّمَا يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالمين وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ النَّاسُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» قِيلَ لَهُ فَالرَّجُلُ يُقَبِّلُ يَدَ الرَّجُلِ أَوْ رَأْسَهُ قَالَ هُوَ مِنْ عَمَلِ الْأَعَاجِمِ لَا مِنْ عَمَلِ النَّاسِ وَأَمَّا تَقْبِيلُ رَأْسِ ابْنِهِ فَخَفِيفٌ وَلَا يُقَبِّلُ خَدَّ ابْنِهِ أَوْ عَمِّهِ قَالَ لَمْ يَفْعَلْهُ الْمَاضُونَ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْقِيَامُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ حَرَامٌ إِذَا فُعِلَ تَعْظِيمًا لِمَنْ يُحِبُّهُ تَجَبُّرًا عَلَى الْعَالَمِينَ وَمَكْرُوهٌ إِذَا فُعِلَ تَعْظِيمًا لِمَنْ لَا يُحِبُّهُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ فِعْلَ الْجَبَابِرَةِ وَلِتَوَقُّعِ فَسَادِ قَلْبِ الْمَقُومِ لَهُ وَمُبَاحٌ إِذَا فُعِلَ إِجْلَالًا لِمَنْ لَا يُرِيدُهُ وَمَنْدُوبٌ لِلْقَادِمِ مِنَ السَّفَرِ فَرَحًا بِقُدُومِهِ لِيُسَلِّمَ عَلَيْهِ أَوْ يَشْكُرَ إِحْسَانَهُ أَوْ لِلْقَادِمِ الْمُصَابِ لِيُعَزِّيَهُ فِي مصيبته وَبِهَذَا بِجمع بَين قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ النَّاسُ قِيَامًا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار وَبَين قِيَامه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ لَمَّا قَدِمَ مِنَ الْيمن فَرحا بقدومه وَقيام طَلْحَة ابْن عُبَيْدِ اللَّهِ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ لِيُهَنِّئَهُ بِتَوْبَةِ الله بِحُضُورِهِ ع صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلم ينكسر عَلَيْهِ وَلَا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ فَكَانَ كَعْبٌ يَقُول لَا أَنْسَاهَا لطلْحَة وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ أَنْ يُقَامَ لَهُ فَكَانُوا إِذَا رَأَوْهُ لم يقومُوا لَهُ لعلمهم بكراهية لِذَلِكَ وَإِذَا قَامَ إِلَى بَيْتِهِ لَمْ يَزَالُوا قِيَامًا حَتَّى يَدْخُلَ بَيْتَهُ لِمَا يَلْزَمُهُمْ مِنْ تَعْظِيمه قبل علمهمْ بكراهيته لذَلِك وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَنْصَارِ قُومُوا لِسَيِّدِكُمْ قِيلَ تَعْظِيمًا لَهُ وَهُوَ لَا يحب ذَلِك وَقيل ليعينوه على النزور عَلَى الدَّابَّةِ.
تَنْبِيهٌ:
حَضَرْتُ عِنْدَ الشَّيْخِ عِزِّ الدّين ابْن عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ أَعْيَانِ الْعُلَمَاءِ الشَّافِعِيَّةِ الرَّبَّانِيِّينَ فَحَضَرَتْهُ فُتْيَا مَا تَقُولُ فِي الْقِيَامِ الَّذِي أَحْدَثَهُ النَّاسُ فِي هَذَا الزَّمَانِ هَلْ يَحْرُمُ أَمْ لَا فَكَتَبَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا» وَتَرْكُ الْقِيَامِ فِي هَذَا الْوَقْتِ يُفْضِي لِلْمُقَاطَعَةِ وَالْمُدَابَرَةِ فَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ مَا كَانَ بَعِيدًا فَقَرَأْتُهَا بَعْدَ كِتَابَتِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالنَّاسُ تَحْدُثُ لَهُمْ أَحْكَامٌ بِقَدْرِ مَا يُحْدِثُونَ مِنَ السِّيَاسَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَالِاحْتِيَاطَاتِ وَهِيَ عَلَى الْقَوَانِينِ الْأُولَى غَيْرَ أَنَّ الْأَسْبَابَ تَجَدَّدَتْ وَلَمْ يَكُنْ فِي السَّلَفِ وَقَدْ بَسَطْتُ مِنْ هَذَا طَرَفًا فِي وِلَايَةِ الْمَظَالِمِ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ وَيُلْحَقُ بِالْقِيَامِ النُّعُوتُ الْمُعْتَادَةُ وَأَنْوَاعُ الْمُكَاتَبَاتِ عَلَى مَا قَرَّرَهُ النَّاسُ فِي الْمُخَاطَبَاتِ وَهَذَا النَّوْعُ كَثِيرٌ لَمْ تَكُنْ أَسْبَابُهُ فِي السَّلَفِ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ فِي قَاعِدَةِ الشَّرْعِ اعْتِبَارُهُ هَذِهِ الْأَسْبَابِ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِذَا وُجِدَتْ وَجَبَ اعْتِبَارُهَا وَفِي هَذَا التَّنْبِيه كِفَايَة.

.النَّوْع الْخَامِس عشر: تشميت العاطش:

وَفِي الْمُوَطَّأ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ عَطَسَ فَشَمِّتْهُ ثُمَّ إِنْ عَطَسَ فَشَمِّتْهُ ثُمَّ إِنْ عَطَسَ فَقُلْ إِنَّكَ مَضْنُوكٌ قَالَ الرَّاوِي بَعْدَ الثَّلَاثِ أَوِ الْأَرْبَعَةِ قَالَ الْبَاجِيُّ يُقَالُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةِ فَبِالشِّينِ قَالَ ثَعْلَبٌ إِبْعَادُ الشَّمَاتَةِ وَالتَّسْمِيتُ إِثْبَاتُ السَّمْتِ الْحَسَنِ لَهُ وَقِيلَ التَّشْمِيتُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ مِنَ الشَّوَامِتِ وَهِيَ الْأَعْضَاءُ أَيْ أَبْقَى اللَّهُ شَوَامِتَكَ عَلَى حَالِهَا وَسَبَبُهُ أَنَّ الْعُطَاسَ حَرَكَةٌ مِنَ الدِّمَاغِ لِدَفْعِ مَا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنَ الْمُؤْذِي كَمَا أَنَّ السُّعَالَ حَرَكَةُ الصَّدْرِ لِدَفْعِ مَا يُؤْذِيهِ وَالْفُوَاقُ حَرَكَةُ الْمَعِدَةِ لِدَفْعِ مَا يُؤْذِيهَا وَحَرَكَةُ الدِّمَاغِ فِي الْعُطَاسِ أَشَدُّ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْحَوَاسِّ وَمَبْدَأُ الْأَعْصَابِ وَتَسْتَعِينُ بِحَرَكَةِ الصَّدْرِ وَغَيْرِهِ فَتَكُونُ حَرَكَتُهُ عَظِيمَةً فَرُبَّمَا انْصَبَّتْ مَادَّةُ خِلْطَتِهِ لِبَعْضِ الْحَوَاسِّ أَوْ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ فَحَصَلَتْ لَقْوَةٌ أَوْ فَسَادٌ فَيَشْمَتُ بِهِ أَعْدَاؤُهُ لِتَغَيُّرِ سَمْتِهِ فَإِذَا دُعِيَ لَهُ بِالرَّحْمَةِ اندفعت الشماتة من الأعذاء وَيُحْفَظُ السَّمْتُ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَتَطَيَّرُ بِالْعُطَاسِ إِلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَتَجْعَلُهَا شُؤْمًا فَأَعْلَمَ صَاحِبُ الشَّرْعِ أَنَّهَا رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَاقْتَصَرَ بِقَوْلِنَا يَرْحَمُكَ اللَّهُ عَلَى الثَّلَاثَةِ الَّتِي كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَتَشَاءَمُ بِهَا إِثْبَاتًا لِلضِّدِّ وَلِهَذَا السِّرِّ قِيلَ لَهُ فِي الرَّابِعَةِ إِنَّهُ مضنوك أَي مزكوم ورد تفسره فِي الْحَدِيثِ بِذَلِكَ وَخَصَّصَ الْأَفْعَالَ بِمَكَانِ التَّطَيُّرِ إِذْ هُوَ مَوْضِعُ الْحَاجَةِ لِلْمُضَادَّةِ وَإِبْطَالِ التَّطَيُّرِ قَالَ الْبَاجِيُّ وَحَقُّ التَّحْمِيدِ إِنَّمَا يَثْبُتُ لِمَنْ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ مَالِكٌ إِذَا لَمْ يَسْمَعْهُ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى فَلَا يُشَمِّتْهُ إِلَّا أَن يكون فِي حَلقَة كَبِيرَة ورأي الدّين يَلُونَهُ يُشَمِّتُونَهُ فَيُشَمِّتُهُ وَفِي الصَّحِيحِ عَطَسَ رَجُلَانِ عِنْد رَسُول الله لله فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتِ الْآخَرَ فَقِيلَ لَهُ قَالَ هَذَا أَحْمد اللَّهَ وَهَذَا لَمْ يَحْمَدْهُ وَيَنْبَغِي لِلْعَاطِسِ أَنْ يُسْمِعَ مَنْ يَلِيهِ التَّحْمِيدَ وَإِنْ عَطِسَ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَحْمَدِ اللَّهَ إِلَّا فِي نَفْسِهِ لِشُغْلِهِ بِصَلَاتِهِ عَنِ الذِّكْرِ وَلَا يُشَمِّتْ أَيْضًا غَيْرَهُ وَعَنْ سَحْنُونٍ وَلَا فِي نَفْسِهِ وَعَنْ مَالِكٍ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا رأى من يُعْجِبُهُ وَيُجْزِئُ فِي التَّشْمِيتِ وَاحِدٌ مِنَ الْجَمَاعَةِ كَالسَّلَامِ وَقَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ هُوَ بِخِلَافِ السَّلَامِ وَيُشَّمِتُ الْجَمِيعُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ وَلِأَنَّهُ دُعَاءٌ وَالِاسْتِكْثَارُ مِنْهُ حَسَنٌ وَالسَّلَامُ إِظْهَارٌ لِشَعَائِرِ الْإِسْلَامِ كَالْأَذَانِ يَكْفِي وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَالتَّشْمِيتُ عَلَى ظَاهِرِ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَاجِبٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّد مَنْدُوب كابتداء السَّالِم وَوجه الأول الأول أَن ظَاهر أمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَمِّتُوهُ الْوُجُوبُ وَعَنْ مَالِكٍ يَبْلُغُ بِالتَّشْمِيتِ ثَلَاثًا وَيَقُولُ بَعْدَ التَّشْمِيتِ يَرْحَمُنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ وَيَغْفِرُ لَنَا وَلَكُمْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْيَقُلْ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ وَإِنْ شَاءَ قَالَ يَغْفِرُ لَنَا وَلَكُمْ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ أَنْ يَقُولَ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ لِأَنَّ الْخَوَارِجَ كَانَتْ تَقُولُهُ فَلَا يَسْتَغْفِرُونَ للنَّاس وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ يَقُولُهُ لِلْيَهُودِ وَفِي الْقَبَسِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْعُطَاسُ مِنَ اللَّهِ وَالتَّثَاؤُبُ مِنَ الشَّيْطَان» لِأَنَّ التَّثَاؤُبَ إِنَّمَا يَكُونُ عَنِ الْكَسَلِ فَأُضِيفَ لِلشَّيْطَانِ عَلَى سَبِيلِ الْأَدَبِ كَمَا قَالَ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام {وَالَّذِي هُوَ يطعمني ويسقين وَإِذا مَرضت فَهُوَ يشفين} وَعنهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا عَطَسَ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَلْيُخَمِّرْ وَجْهَهُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ اللَّهُ شَوَامِتَهُ عَلَى حَالِهَا كَمَا إِذَا تَثَاءَبَ فَلْيَجْعَلْ يَدَهُ عَلَى فِيهِ وَلَا يَفْتَحْهَا لِلشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَضْحَكُ بِهِ وَلَا يَصْرِفْ وَجْهَهُ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا فَإِنَّ بَعْضَهُمْ صَرَفَهُ فَبَقِيَ بَقِيَّةَ عُمُرِهِ كَذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ اخْتَارَ عَبْدُ الْوَهَّابِ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ عَلَى يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ لِأَنَّ الْمَغْفِرَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا مَعَ الذُّنُوبِ وَالْهِدَايَةُ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الذَّنْبِ قَالَ وَعِنْدِي الْمَغْفِرَةُ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ أَحَدٌ عَنْ ذَنْبٍ وَالْحَاجَةُ إِلَى الْمَغْفِرَة أَكثر فَإِن جمع بنيهما كَانَ أَحْسَنَ إِلَّا فِي الْكَافِرِ الَّذِي إِذَا عَطَسَ وَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى فَلَا يُقَالُ لَهُ يرحكم اللَّهُ بَلْ يَهْدِيكَ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكَ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُغْفَرُ لَهُ حَتَّى يُؤْمِنَ.